بديع الزمان سعيد النورسي
لا ريب أن مالك هذا الكون يخلق ما يخلق عن علم، ويتصرف في شؤونه عن حكمة، ويدير كل جهة عن رؤية ومشاهدة، ويربي كل شي عن علم وبصيرة، ويدبر الأمر قاصداً إظهار الحِكَمْ والغايات.
فما دام الخالق يعلم، فالعالِمُ يتكلم وحيث أنه سيتكلم، فسيكون كلامه حتماً مع من يفهمه من ذوي الشعور والفكر والإدراك، بل مع الإنسان الذي هو أفضل أنواع ذوي المشاعر والفهم وأجمعهم لتلك الصفات.
ومادام كذلك فسيتكلم اذاً مع من هو أهل للخطاب من الكاملين من بني البشر وأعلاهم إستعداداً، والذين هم أهل لأن يكونوا قدوة للجنس البشري، فلا ريب أنه سيتكلم مع محمد صلى الله عليه وسلم، الذي شهد بحقه الأولياء والخصماء بأنه صاحب أسمى أخلاق وأفضل صفات، والذي إقتدي به خمس العالم وانضم تحت لِوائه المعنوي نصف الأرض، فقد تكلم معه فعلاً، وسيجعله رسولاً حتما وقد جعله فعلاً، وسيجعله قدوةً وإماماً للناس كافةً وقد جعله فعلاً.